في الذكرى السنوية الأولى للعدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في غزة ، لا بد من التأكيد على جملة من الحقائق والمعطيات:
الأولى: غزة لم تهزم ، ولم ترفع الراية البيضاء ، رغم حرب الإبادة التي استمرت 22 يوما ، استعمل خلالها العدو الصهيوني الأسلحة المحرمة "الفسفور الأبيض" ، ورغم الحصار الظالم ، الذي حول القطاع لى معسكر اعتقال على غرار معسكرات النازية ، ورغم الدمار الشامل ، الذي أدى إلى تدمير أكثر من 20 ألف منزل ، وعدد من أبنية الجامعات والمدارس والمساجد ووكالة الغوث الدولية.
الثانية: ومن هنا فالعدوان لم يزل مستمرا ، بدليل الحصار القائم ، وإغلاق المعابر ، ومحاصرة الشواطئ ، وبدليل استمرار العمليات العسكرية العدوانية ، وقصف المدنيين العزل ، ما أدى إلى استشهاد عدد من المواطنين ، وإطلاق النيران على زوارق الصيادين في عرض البحر ، وبدليل الجدار الفولاذي الذي تقيمه مصر الشقيقة في سابقة خطيرة لم يعرفها التاريخ البشري ، لها مثيلا.
لقد بلغ عدد المواطنين الذي فارقوا الحياة ، نظرا لعدم توفر العلاج اللازم ، وعدم السماح لهم بالسفر إلى الدول الشقيقة والصديقة ، لتلقي العلاج اللازم ، أكثر من 320 شخصا خلال هذاالعام.
الثالثة: لقد غدر العالم بشعب غزة ، كما أكدت 16 منظمة دولية غير حكومية ، فلم يقم هذا العالم بواجبه الإنساني والأخلاقي ، باجبار العدو على فتح المعابر ، وفك الحصار عن 1,5 مليون فلسطيني "يعيشون في ظروف سيئة ، لا تليق بالحيوانات" ، كما قال كارتر خلال زيارته للقطاع ، وتركهم يلاقون مصيرهم المحتوم ، بعد أن حكم النازيون الجدد عليهم بالموت البطيء ، كما أثبت استمرار هذا الواقع المأساوي ، إن مؤتمر شرم الشيخ ، لم يكن سوى مناورة لتبرئة العدو من دم أطفال غزة ، بدليل أن دولارا واحدا لم يصل إلى القطاع ، ولا زالت الخمسة مليارات ، التي تبرع بها المؤتمرون في شرم الشيخ في قاصة البنوك ، بعد أن جبنوا عن إجبار العدو عن فتح المعابر وفك الحصار ، ما جعلهم شركاء في الحصار وشركاء في الجريمة.
الرابعة: الصمت الدولي والعربي على ما جرى ويجري في غزة ، شجع العدو على استمرار العدوان واستمرار الحصار ، واستمرار سياسة التجويع ، وقطع شرايين الحياة ، عن غزة ، ومن هنا كان ولا يزال يتصدي لسفن الإغاثة الدولية ، في عرض البحار ، وللمعونات الإنسانية ، و هذا يعني بصريح العبارة أن العدو لن يتراجع عن عدوانه المكشوف.
ونسأل ونتساءل لماذا لم يقم هذا المجتمع الدولي المنافق بدعوة مجلس الأمن إلى استصدار قرار يجبر إسرائيل على تطبيق قراره رقم 516 ، الذي يدعوها إلى فتح المعابر وفك الحصار؟
وأين هو دور الجامعة العربية في هذا الصدد؟ ، ولماذا لم نشهد خلال عام كامل أية جهود عربية جماعية لفتح المعابر وفك الحصار لإنقاذ حياة 1,5 مليون فلسطيني؟
لقد شكل تقرير غولدستون مفاجأة من العيار الثقيل ، للعدو الصهيوني ولحلفائه ، ولأول مرة يدين تقرير دولي قادة العدو ، ويتهمهم بارتكاب جرائم حرب ، و جرائم ضد الإنسانية ، ويدعو إلى ملاحقتهم وتقديمهم إلى العدالة الدولية.
باختصار...شعبنا الفلسطيني في غزة يعيش مأساتين..استمرارالعدوان الإسرائيلي الغاشم ، وإغلاق المعابر ، وقطع شرايين الحياة بإقامة الشقيقة الكبرى جدارا فولاذيا ، والانقسام الفلسطيني الذي وصل إلى مرحلة اللاعودة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله.